“الآخرون ميتون على الحواف”.. قصائد لتمام بركات

دمشق-سانا

“الآخرون ميتون على الحواف” مجموعة قصائد نثرية لتمام بركات تنم عن خيال بفضاءات تخيلية سريالية العوالم والتكوين وانفعال وجداني ناضج سكب ماء الإيحاء في التركيب التصويري بذكاء ووظف جمالية اللغة في بعض قصائده.

ولكن قصائد المجموعة تنفلت منها العبثية فجأة بصور ضبابية ذات دلالات متعددة تعكس الحزن المضطرب في داخل الشاعر والتيه والتخبط في نفسه لتأتي بأبعاد دلالية غير ثابتة  يقول في قصيدة “مطبات القطيعة”:

/بيدين من ندم أبيض… بكحل .. يبكي .. متروك في سلة الغسيل …بعرق بائس ومدخرات طازجة/.

الجمل الشعرية لتمام بركات أسيرة وجدانه المنغمس بالألم وروحه الحائرة فإذا ما اطمأنت انسدلت كلماته رقيقة شفافة وإذا ما قلقت جاءت مغدقة الرمز مغلقة وهذا يدل على مهارة ودراية في التصرف بالكلمات  فالمرأة في قصيدة “قمر على رمق” أخير تكبل أجنحة خياله بسطوتها ليكون جمال وصفها هو أداته التعبيرية فيقول بقصيدته:

/مطمئنة بشعرها نبيها بعباءة الظلال … وحكمة عود قرفة .. خادم خاتم خصرها .. المنحني كاللام في بياضه/..

وفي المجموعة لغة تعبيرية جريئة في غوصها في لب الأشياء لتخلق من مادة الشيء لونا جديدا ومعنى آخر أما ملامحها الغرائبية ذات الأطياف المتشكلة والمتبدلة مع كل تركيب تنقل معها طموح الشاعر في بناء تشكيل فني خاص يوظف فيه هذه اللغة ليقدم شعره.

ينحت تمام بركات الكلمة ويفرغها من الهواء يرسم زمانها ومكانها فيكون منجزه الفني بتشكيل غرائبي تؤدي إلى أكثر من معنى وأكثر من اتجاه برغم التيه الذي يمكن ان يحدق بالقارئ أمام النص الشعري يقول في قصيدة زائرة:

/شجرة ورجل معلق من أذنيه … ويرسل ابتساماته .. سمكة ورئة .. رجل يفرغ محتويات روحه … يبعث بجسده للغسيل لا جديد .. منزل بعيون مقفولة يغفو .. وأبواب موصدة/.

تمام بركات أجاد في لعبه بالكلمات إلا أنه تاه في أغلب قصائده عن الحس الشعوري المنتظم وهذا ما يعكف عليه أغلب كتاب السريالية في الشعر ما يجعلهم بعيدين عن ذائقة المتلقي وعن القاعدة الشعبية بكل فئاتها.

يذكر أن الكتاب من منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب ويقع في 95 صفحة من القطع المتوسط.

محمد الخضر

انظر ايضاً

المقاومة اللبنانية تستهدف بالأسلحة المناسبة التجهيزات ‏التجسسية للعدو الإسرائيلي في موقع /مسكفعام/ شمال فلسطين المحتلة وتحقق إصابة مباشرة